💪
الطريقة الأساسية التي يساعدك بها المخ على إجراء مقايضة بين المجهود والدقة هي إنشاء عادات. فأنت حين تفعل شيئًا ما بنجاح، فإن آليات المخ تربط التصرف الذي قمت به بالموقف الذي مارست فيه هذا التصرف. وبهذه الطريقة، عندما تتعرض للموقف مرة ثانية، يقترح عليك مخك التصرف بالطريقة ذاتها مرة ثانية.
ولتوضيح المعنى، فكر في القيام بجولة بسيطة إلى متجر جديد. في المرة الأولى التي ستذهب فيها إلى هناك، ستعتمد فقط على معرفتك العامة بالمتاجر. فقد يكون تصميم المتجر غيرمألوف لك، وأثناء التجول في المتجر ستتعرف على نوعية الفواكه والخضروات الموجودة فيه. وعليك الاستمرار في التجول داخل المتجر حتى تعثر على الأشياء التي ترغب في شرائها. وستأخذ المزيد من الوقت حتى تتعرف على العلامات التجارية المختلفة وكل هذه الجولة بطبيعة الحال ستحتاج إلى بذل وقت في التفكير فعليًا.
😎
بالتأكيد أنت لا تستطيع تحمل فكرة قضاء كل هذا الوقت في فعل كل الأشياء التي تود القيام بها. فالوقت يعتبر مالًا، وهو أيضًا طاقة. مما يجعل المخ يرغب في قضاء القليل من الوقت للتفكير في أي شيء، ليتأكد من أن الطاقة المستهلكة في التفكير لا تتعدى قيمة ما تفكر فيه.
وبالتالي، سيضطر المخ إلى المقايضة بين المجهود والدقة، فأنت ترغب في فعل الأشياء بشكل جيد، ولذا، ستذهب إلى المتجر وتلقي الأشياء في العربة بشكل عشوائي، وبالتأكيد هذه الطريقة ستجعلك تغادر المتجر بسرعة، لكن من المحتمل أنك لن تحصل على ما تريده، وبالتالي، ستضطر إلى القيام بجولة أخرى، وهذا يعني بذل المزيد من الوقت والطاقة، لذا فإن المهارة تكمن في قضاء نفس القدر من الوقت الذي تحتاج إليه للحصول على ما تريده.
😎
هذاهو السببب وراء أنك في المرة الثانية عندما تذهب إلى نفس المتجر، ستنجز الجولة التسويقية بشكل أسرع كثيرًا، فقد أصبح لديك فهم أفضل لتصميم المتجر، كما أصبحت أكثر دراية بجودة المنتجات، وتعرف المكان الذي ستبحث فيه عن ماركة صلصة الطماطم المفضلة لديك. وستتمكن من الوصول إلى الأماكن التي تقصدها في المتجر بشكل أسرع؛ لأنه ليس عليك التفكير كثيرًا فيما سوف تفعله. فأنت تعرف ما تريد.
في المرة العاشرة التي ستقوم بها بجولة داخل المتجر، ستكون مثل الطيار الآلي في معظم الوقت، حتى أنه يمكنك التحدث في الجوال أو التفكير في شيء ما أكثر متعة بينما تمشي مسرعًا في الممرات ملتقطًا ما تريده من الخضار والفواكه بشكل لا إرادي. ومن المؤكد، أنه ربما سيكون هناك منتج أو اثنين أنت بحاجة إلى المقارنة بينهما أو ربما سيكون هناك منتج جديد تريد أن تفكر في شرائه، لكن أغلب وقت جولتك التسويقية سيكون عبارة عن فعل نفس ما قمت به في المرة الأخيرة. وكلما تطورت عادتك، سيصبح سلوكك أقل مرونة. وربما تشتري عدد أقل من الأشياء التي لم تتوقع الحصول عليها وغالبًا ما سوف تختار نفس الماركات التجارية التي اشتريتها من قبل.
🌟🌟
عاداتك هي التي جعلت الحياة أفضل. فالآن، أصبحت الجولة التسويقية المزعجة تتم بشكل سريع ودقيق. إضافة إلى أن الجولة نفسها ستكون مريحة أكثر من المغامرة الأولى.
😎
وعلى قدر ما يمكن أن تكون هذه العادات رائعة، فإنها أيضًا أحد الأسباب المهمة التي تجعل من الصعب جدًا تغيير السلوك. فالعادات تتطور؛ لأن الأفعال التي قمت بها نجحت في الماضي. ويريد المخ منك أن تفعل أشياء ناجحة بشكل سريع، لذا يستخدم المخ نفس هذه السلوكيات مرارًا وتكرارًا، على أمل تحقيق النجاح في المستقبل مثلما فعلت في الماضي.
🌟🌟
إذا استمر نجاح السلوك في الماضي، فسوف يستمر نظامك التحفيزي في دعم هذه العادة. ولكن، إذا تغيرت البيئة ولم يعد هذا السلوك يقودك إلى النجاح، عندئذ سوف تغير هذا السلوك بسهولة تامة.
ولكن الأمر الذي يجعل تغيير السلوك صعبًا للغاية هو أنك في بعض الأحيان تريد أن تغير سلوكك على الرغم من أن السلوك القديم لا يزال من الناحية التقنية سلوكًا ناجحًا. على سبيل المثال، عندما تريد أن تتبع نظام غذائي، فإن سلوكيات الأكل القديمة الخاصة بك لا تزال تعمل بقدر اهتمام نظامك التحفيزي بها. فأنت تريد أن تأكل، وبالفعل تأكل. وتكمن المشكلة في أن هناك بعض الأهداف الجديدة. فربما ترغب في خسارة قدر من وزنك لتشعر بشعور أفضل. وربما أوصاك طبيبك بالحصول على مظهر رشيق. لذا، أنت تحاول التوقف عن إشباع هدف معين والبدء في إشباع هدف آخر بدلًا منه.
وفي هذه الحالة، فإن العادات لم تعد توجهك نحو التصرف الذي تريد أن تأخذه. وسيكون عليك إيجاد طريقة لتمنع نفسك من فعل ما فعلته في المرة الماضية. وهذا يعني محاربة ميل المخ نحو تقليل الطاقة.